للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أكثر المتأخرين من أصحابنا: إنما الدم على من دفع قبل غروب الشمس. وجعل هؤلاء قوله: «دفعَ قبل» بمعنى دفع قبل غروب الشمس؛ لأن الإمام إنما يدفع بعد الغروب.

وحمل القاضي (١) رواية الأثرم الصريحة على الاستحباب؛ لأنه قال في رواية حرب (٢): إذا دفع من عرفة قبل غروب الشمس يُهرِيق دمًا. وقال أيضًا في رواية الأثرم (٣): مالك يقول: إذا دفع قبل غروب الشمس فسدَ حجُّه، وهذا شديد، والذي نذهب: عليه دم.

فإن كان له عذر في الإفاضة قبل غروب الشمس، مثل أن ينسى نفقته بمكان آخر، فقال أبو طالب (٤): سألت أحمد عن الرجل يقف بعرفة مع الإمام من الظهر إلى العصر ثم يذكر أنه نسي نفقته بمنى، قال: إن كان قد وقف بعرفة فأحبُّ إليَّ أن يستأذن الإمامَ، يُخبِره أنه نسي نفقته، فإذا أذِنَ له ذهب ولا يرجع، قد وقف: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢]، وهم معه على أمرٍ جامع. وإن كان لم يقف بعرفة يرجع فيأخذ نفقته، ويرجع إلى عرفة، فيقف بها، ومن وقف بعرفة من ليلٍ أو نهار قبل طلوع الفجر فقد تمَّ حجه، فهذا يرجع فيقف.


(١) في «التعليقة» (٢/ ٩٩).
(٢) كما في المصدر السابق (٢/ ٩٥).
(٣) المصدر نفسه (٢/ ٩٥).
(٤) المصدر نفسه (٢/ ٩٥).