للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجبًا أو مستحبًّا، نعم مُيِّز الواجب بأخصِّ اسميه، فقيل: فرض وواجب (١)، وبقي الاسم العام في العرف غالبًا على أدنى القسمين، كلفظة (٢) الدابة والحيوان وغيرهما.

وأيضًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف في عُمَرِه كلها (٣) وفي حجَّته ــ والمسلمون معه ــ بين الصفا والمروة، وقال: «لتأخذوا عنّي مناسِكَكم»، والطواف بينهما من أكبر المناسك، وأكثرِها عملًا، وخرج ذلك منه مخرجَ الامتثال لأمر الله بالحج في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، وفي قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، ومخرجَ التفسير والبيان لمعنى هذا الأمر، فكان فعلُه هذا على الوجوب، ولا يخرج عن ذلك إلا هيئاتٌ في المناسك وتتمّات، وأما جنس تامٌّ من المناسك ومشعرٌ من المشاعر [ق ٣٧٦] يقتطع عن هذه القاعدة، فلا يجوز أصلًا، وبهذا احتجَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال عمرو بن دينار: سألنا ابن عمر عن رجل قدِمَ بعمرة، فطاف بالبيت ولم يطفْ بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ فقال: قدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت سبعًا، وصلَّى خلف المقام ركعتين، وبين الصفا والمروة سبعًا، وقد كان لكم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة. متفق عليه (٤)، زاد البخاري (٥): «وسألنا جابر بن عبد الله، فقال: لا يَقربنَّها حتى يطوف بالصفا والمروة».


(١) في المطبوع: «أو واجب» خلاف النسختين.
(٢) في النسختين: «كلفة». وفي المطبوع: «كلغة». ولعل الصواب ما أثبته.
(٣) «كلها» ساقطة من المطبوع.
(٤) البخاري (١٦٤٥) ومسلم (١٢٣٤).
(٥) رقم (١٦٤٦).