للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أبو الخطاب (١) فإنه جعل في ترك المبيت لياليَ منًى الدمَ قولًا واحدًا، وذكر في ترك ليلةٍ أو ليلتين أربعَ روايات:

إحداهن: عليه دم.

والثانية: يتصدَّق بدرهم أو نصف درهم.

والثالثة: مدٌّ من طعام.

والرابعة: لا شيء عليه.

ومن سلك هذه الطريقة حمل كلام أحمد في الأمر بالصدقة وفي كونه لا شيء عليه= على الليلة والليلتين. وأصحاب هاتين الطريقتين يُسوُّون بين ثلاث حَصَياتٍ، وترْكِ ثلاث ليال، وحلْقِ ثلاث شَعَرات، ويجعلون عدد الليالي كعدد الحصى والشَّعر. قالوا: لأن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة يجب في جميعه دم، وفي بعضه صدقة، فلذلك سوَّينا بينها (٢). لكن منصوص أحمد في أن من بات ليالي منًى من وراء العقبة: يتصدق بشيء، أو لا شيء عليه= يُبطِل هذه الطريقة.

والطريقة المنصوصة عن أحمد: أن في الليلة والليالي الثلاث ثلاثَ روايات كما تقدَّم لفظه فيهن، إحداهن: عليه دم، والثانية: عليه صدقة، والثالثة: لا شيء عليه. وغيرُ مستنكرٍ إيجابُ الدم في جملةٍ وإيجابُها (٣) في بعضها، فإن رمي الجمار كلها فيها دم، وفي الجمرة الواحدة أيضًا دم، بل


(١) في «الهداية» (ص ١٩٧).
(٢) في المطبوع: «بينهما» خطأ.
(٣) كذا في النسختين بتأنيث الضمير. والدم مذكر.