للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُسمَع ولا تُشَمُّ، وإنما تُعلَم بأن يحسَّ الإنسان في ذكره بدبيب يعتقده قطرةَ بول، فإذا انتهى إلى طرف الذكر، فلم يجد له [أثرًا] (١) علِمَ أنها الريح.

ويلتزم من قال هذا بنجاسة المني، وأن الريح تنجِّس الماء اليسير، حيث لم تنقض (٢) الطهارة بشيء طاهر. ويعتذر عن المني بأنه يوجب الطهارة الكبرى، فلا يدخل في نواقض الوضوء، إلا أن هذا لا يصح، فإن مني الرجل إذا خرج من فرج المرأة بعد اغتسالها، أو خرجت من الرجل بقية المني، وجب الوضوء دون الغسل.

والصحيح: الأول، لأنه خارج [٩٣/أ] من السبيل فنقض، كريح الدبر فإنها طاهرة، واكتسابها ريح النجاسة لا يضرُّ، فإن الريح قد تكتسب من انفصال أجزاء كالحشا المتغيّرة والماء المُرْوِح (٣) بجيفة على جانبه. ولو فرضنا انفصال أجزاء من النجاسة، فإنما خالطَتْ أجزاءً هوائية، وذلك لا يوجب التنجُّس كما تقدم. وقولهم: الريح الخبيثة إنما خرجت مستصحبة لأجزاء من النجاسة. قلنا: بل نادت (٤) الرائحة إلى الهواء الخارج من غير أجزاء، كما تنادي الحرارة إلى الماء من غير أجزاء من النار. والفقه في ذلك: أن السبيل هو مظنة خروج النجاسة غالبًا، فعُلِّق الحكم بهذه المظنة، وإن علَّقناه بنفس خروج النجاسة أيضًا.


(١) ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «ينقض»، وحرف المضارع مهمل في الأصل.
(٣) من أروح الماءُ: تغيَّرت رائحته.
(٤) كذا في الأصل والمطبوع، وكذا فيما بعد: «تنادي الحرارة». ولعله تصحيف «بادرت»، و «تبادر».