للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لو سُلِّم (١) اختصاصُ الإبل دون غيرها من الأنعام بوصفٍ يُستحبُّ معه الوضوء بطلت (٢) جميعُ أدلَّتهم في المسألة من الجمع بينها وبين غيرها (٣)، ولم يبقَ حينئذ دليلٌ يُوجِب صرفَ الأمر عن الوجوب، ويقال: إن جاز أن يختصّ باستحباب الوضوء جاز أن يختصّ بوجوبه، وهو المعقول من الكلام، فلا وجه للعدول عنه.

[١١٠/أ] ثم الجواب عن جميع هذه الأسوِلة (٤) أنها احتمالات مرجوحة وتأويلات بعيدة، لا يجوز حملُ الكلام عليها إلا مع دليلٍ قويٍّ أقوى من تلك الدلالة، يوجب الصرف عن الظاهر والمصير إلى الباطن. وليس في عدم نقض (٥) الوضوء بلحوم الإبل دليلٌ يقارب تلك الدلالة، فضلًا عن أن يكون أقوى منها. وإنما هو استصحابُ حال وقياسٌ طرديٌّ يحسن اتباعهما (٦) عند عدم الدلالة بالكلية.

ولقد تعجَّب الإمام أحمد (٧) ممَّن (٨) يخالف هذا الحديث الصحيح الصريح (٩)، وينقض الوضوء بالقهقهة، مع أنها أبعد شيء عن العقول


(١) في الأصل: «لم سلم». وفي المطبوع: «لم يسلم».
(٢) في الأصل والمطبوع: «بطلب».
(٣) يعني بين الإبل والغنم. وفي الأصل والمطبوع: «بينهما وبين غيرهما».
(٤) غيَّره في المطبوع إلى «الأسئلة».
(٥) في الأصل: «نقض عدم».
(٦) في الأصل والمطبوع: «أتباعها».
(٧) انظر: «المغني» (١/ ٢٥٤).
(٨) في الأصل والمطبوع: «بمن».
(٩) في المطبوع: «الصريح الصحيح». وكذا في الأصل ولكن فوقهما ما يشير إلى التقديم والتأخير.