للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتوضَّأ بعد الغسل. رواه الخمسة (١) (٢).

أما المسألة الثانية، وهي: إذا تيمَّم للحدثين والنجاسة على بدنه، فإنَّه يجزئ عن جميعها في المشهور. وإن نوى بعضها فليس له إلا ما نوى، لأنَّ التيمُّم لا يرفع الحدث، وإنما يبيح فعلَ الصلاة مع قيام مانعها، فلا يستبيح فعلَ الفرض بنية النفل. ولأنه إذا اغتسل لأحد الحدثين لم يرتفع الآخر، فأَنْ لا يجزئ التيمُّمُ لأحدهما عن الآخر أولى وأحرى.

وإذا اجتمعت عليه أحداث كبرى مثل أن يجامع ويحتلم، أو تكون المرأة حائضًا جُنبًا؛ أو صغرى مثل أن ينام ويخرج منه نجاسات ويمسَّ النساء= فنوى بطهارته عن جميعها أجزأه.

وإن نوى بطهارته عن إحداها ارتفعت جميعُها عند القاضي وغيره، لأنها أحداثٌ توجب طهارةً من نوع واحد، فكفَت النية عن أحدها؛ كما لو تكرَّر منه الحدث من جنس واحد، ونوى عن شيء منه. وقال أبو بكر: لا يرتفع إلا ما نواه؛ إذا لم يدخل الأصغر في الأكبر بدون النية، فالنظير مع النظير أولى؛


(١) أحمد (٢٤٣٨٩)، وأبو داود (٢٥٠) ـ بلفظ آخر ـ، والترمذي (١٠٧)، والنسائي (٢٥٢)، وابن ماجه (٥٧٩).
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وحسنه بطرقه ابن القطان في «بيان الوهم» (٢/ ٢٣٠)، والألباني في «صحيح أبي داود ــ الكتاب الأم» (٢٤٥).
(٢) وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٩٦ - ٣٩٨)، ومما جاء فيه: «والمغتسل من الجنابة ليس عليه نية رفع الحدث الأصغر كما قال جمهور أهل العلم. والمشهور في مذهب أحمد أنه عليه نية رفع الحدث الأصغر». وانظر أيضًا (٢١/ ٢٩٩) و «الفروع» (١/ ٢٦٩).