للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أنَّ هذا تفسير جماهير السلف من الصحابة ومَن بعدهم، حتّى الفقهاء الذين قالوا: لا يمسُّ القرآن إلا طاهر، من أئمة المذاهب صرَّحوا بذلك، وشبَّهوا هذه الآية بقوله: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١١ - ١٦].

وثانيها: أنه أخبر أنَّ القرآن جميعَه في كتاب، وحين نزلت هذه الآية لم يكن نزل إلا بعضُ المكِّيّ منه، ولم يُجمع جميعُه في المصحف إلا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وثالثها: أنه قال: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: ٧٨] والمكنون: المصون المحرَّر الذي لا تناله أيدي المضلِّين، فهذه صفة اللوح المحفوظ.

ورابعها: أن قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} صفة للكتاب، ولو كان معناها الأمر لم يصحَّ الوصف بها، وإنما يوصف بالجملة الخبرية.

وخامسها: أنه لو كان معنى الكلام الأمر لقيل: «فلا يمسَّه» لتوسُّط الأمر بما قبله.

وسادسها: أنه قال (١): {الْمُطَهَّرُونَ}، وهذا يقتضي أن يكون تطهيرهم من غيرهم، ولو أريد طهارة بني آدم فقط لقيل: «المتطهِّرون»، كما قال تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨]،


(١) في الأصل والمطبوع: «لو قال»، والظاهر أن «لو» زيادة من الناسخ لانتقال النظر.