للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢].

وسابعها: أنَّ هذا مسوقٌ لبيان شرف القرآن وعلوِّه وحفظه، وذلك بالأمر الذي قد ثبتَ واستقرَّ أبلغُ منه بما يحدُث ويكون.

نعم، الوجه في هذا ــ والله أعلم ــ: أنَّ القرآن الذي في اللوح [١٣٥/أ] المحفوظ هو القرآن الذي في المصحف كما أن الذي في هذا المصحف هو الذي في هذا المصحف بعينه، سواء كان المحلُّ ورقًا أو أديمًا أو حجرًا أو لِخافًا (١). فإذا كان من حكم الكتاب الذي في السماء أن لا يمسَّه إلا المطهَّرون وجب أن يكون الكتاب الذي في الأرض كذلك، لأنَّ حرمته كحرمته؛ أو يكون الكتاب اسم جنس يعُمُّ كلَّ ما فيه القرآن، سواء كان في السماء أو الأرض.

وقد أومأ (٢) إلى ذلك قوله تعالى: {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: ٢ - ٣]. وكذلك قوله تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس: ١٣ - ١٤] فوصفها أنها مطهَّرة، فلا يصلح للمحدِث مسُّها. وكذلك لا يجوز أن يمسَّ بعضو عليه نجاسة. ولو غسل المتوضِّئ بعض أعضائه لم يجُز له مسُّها حتى يكمل طهارته. ولو كانت النجاسة على عضو جاز مسُّه بغيره، لأن حكم النجاسة لا يتعدَّى محلَّها. ويجوز بالتيمُّم حيث يُشرع كما يجوز بالتوضؤ.


(١) في الأصل والمطبوع بالحاء المهملة، وهو تصحيف. واللِّخاف: جمع اللَّخْفة، وهي حجر أبيض عريض رقيق.
(٢) في المطبوع: «أوحى»، تحريف.