للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: هي مطلقة في التيمُّم، مقيّدة في الوضوء؛ فيُحمل المطلق على المقيّد، لأنهما من جنس واحد وهو الطهارة، ولأنّ المطلق بدل المقيد، فيحكيه.

قلنا: إن [١٤٨/أ] سلمناه فإنما يُحمل المطلق على المقيد إذا كان نوعًا (١) واحدًا، كالعتق في الظهار والجماع واليمين على العتق في القتل. وكذلك الشهادة المطلقة في قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] هي من نوع الشهادة المفسَّرة في قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]. والمسحُ بالتراب ليس هو من جنس الوضوء بالماء. ثم قد اختلفا في القدر، فهذا في عضوين وذلك في أربعة. وفي الصفة، فالوضوء يُشرع (٢) فيه التثليث، وهو مكروه في التيمم. والوجه في الوضوء يُغسَل منه باطنُ الفم والأنف (٣) وباطنُ الشعر الخفيف ويخلَّل، وذلك كلُّه مكروه (٤) في التيمُّم.

وهذا البدل مبني على التخفيف، فكيف يُلحق بما هو مبنيٌّ على الإسباغ؟ ثم البدل الذي هو مسحُ الخفِّ والعمامة لم يحكِ مُبْدلَه في الاستيعاب مع أنه بالماء، فأن لا يحكيه المسحُ بالتراب أولى. ثم يدل على فساد ذلك أن الصحابة لما تيمَّموا إلى الآباط لم يفهموا حملَ المطلق على المقيَّد هنا، وهم أهل الفهم للّسان.


(١) في الأصل: «نوع».
(٢) في المطبوع: «شرع». وما أثبت أقرب إلى رسم الأصل.
(٣) في المطبوع: «يغسل والأنف منه (و) باطن الفم». وضع جزءًا من اللحق في غير مكانه، فاضطرب المتن.
(٤) في المطبوع: «يكره»، والمثبت من الأصل.