للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدم في حال الوطء، ولا مشقَّة عليه في الامتناع، فيُكرَه وطؤها؛ كالنفساء إذا انقطع دمها لدون الأربعين. فعلى هذا يترك الوطء إلى تمام أكثر الحيض، كما قالوا في النفساء. هذا موجب تعليل القاضي وصرَّح به غيُره.

وإن استمرَّ بها، فالمشهور عن الإمام أحمد، وهو اختيار أكثر أصحابه: أنها (١) تحتاط، فتغتسل عقب اليوم والليلة، لجواز أن يكون المستمِرُّ دم استحاضة، وتصوم الفرض وتصلِّي في هذه الأيام. ثم إن انقطع لأكثر الحيض فما دونه اغتسلت غسلًا ثانيًا، لاحتمال أن يكون حيضًا. فإن استمرَّ بها الدم ثانية وثالثة على وجه واحد تبيَّنَّا أنه دم حيض، فتقضي ما صامت فيه أو طافت فيه من الفرض، لأنه وقع في أيام الحيض فيُجعل ما زاد على الحيض المتيقَّن مشكوكًا فيه، حتى يصير معتادًا.

وإن انقطع دمها في الشهر الثاني لأقلِّ الحيض تبيَّنَّا أنه في الشهر الأول دم فساد، فلا تقضي الصوم والطواف فيه، لأنها [١٨٥/أ] فعلته في دم لم يُحكَم بأنه حيض، وإنما هو كدم الاستحاضة. ولأنَّ اختلاف العادة يؤثِّر فيما ثبت أنه حيض، ففيما لم يثبت أنه حيض أولى. وهكذا إن زاد في الشهر الثاني على حيض الشهر الأول أو تقدَّم، فإنَّ الزيادة دم فساد، لأنها لم تتكرر.

وقد ذكر أبو بكر وأكثر أصحابنا في هذه المسألة ثلاثَ روايات أُخَر (٢):


(١) في الأصل: «لأنها»، وفي المطبوع: «بأنها».
(٢) انظر: «المغني» (١/ ٤٠٨) و «الإنصاف» (٢/ ٤٠٠ - ٤٠١).