للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهن: أنها تجلس الدمَ جميعه، ما لم تعبرُ أكثر الحيض، كما (١) اختاره الشيخ - رحمه الله - هنا. وهو أقيَس في بادئ الرأي، لأن الأصل في الدم الخارج أن يكون حيضًا ما لم يقم دليل على فساده، ولا دليل هنا لأنه موجود في زمن الإمكان المعتاد. ولأنَّ أولَ الدم جلسَتْه لأنه في وقت الإمكان، فكذلك آخرَه. ولأنه كان دم حيض قبل اليوم والليلة، والأصل فيه بقاؤه (٢) على ما كان. ولأنَّ النساء لم يزلن يحِضن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولم يُنقَل أنهن كنَّ يؤمرن في أثناء الحيضة الأولى والثانية بالاغتسال عقب يوم وليلة، ولو فعَلن ذلك لَنُقِل.

والثانية: أنها تجلس غالب عادات النساء ستًّا أو سبعًا، كما تجلسه المستحاضة، لأن الدم الموجود في هذه الأيام يظهر أنه حيض، بخلاف ما بعد ذلك، فاحتَطْنا له.

والثالثة: أنها تقصد عادةَ نسائها مثل أمِّها وأختها وعمَّتها وخالتها، لأن الحيض هو من باب الطبائع والجِبلَّات, وبنو الأب الواحد والأم الواحدة [١٨٥/ب] أقرب إلى الاشتراك في ذلك من غيرهم.

وقال القاضي: المذهب عندي رواية واحدة: أنها تجلس أقلَّ الحيض، وإنما الروايات في المبتدأة المستحاضة (٣). وطريقة الجمهور أقوى، لأن أبا بكر أثبت ذلك عن أحمد، وحكوا عنه ألفاظًا تدلُّ على ذلك.


(١) «كما» ساقط من المطبوع.
(٢) في الأصل: «في بقاوه». وفي المطبوع: «في بقائه».
(٣) انظر: «المغني» (١/ ٤٠٨).