للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال بعضهم: إذا كان قد جُعِل ما زاد على الأقل حيضًا في المستحاضة، مع انفصاله بدم فاسد، لكونه صالحًا له، فالصالحُ الذي لم يتَّصل بدم فاسد أولى. وهذه الأولوية لا تجيء على المذهب، لأنها متى استحيضت فليس لها وقت ترتقبه، يتميَّز (١) فيه دمُ الحيض عن غيره، ولا سبيل إلى جعل الزائد مشكوكًا فيه أبدًا لإفضائه إلى الحرج العظيم. وليس الاحتياط بأن تصلِّي وتصوم أولى من الاحتياط بأن لا تصلِّي وتقضي الصوم. وقد تبيَّنّا أن بعض هذا الدم حيض، وبعضه استحاضة، فلهذا عدلنا إلى الفرق بين دم الحيض والاستحاضة؛ بخلاف ما إذا لم يتجاوز أكثرَ الحيض فإنه دائر بين أن يكون حيضًا أو استحاضةً، فأمكن الاحتياطُ فيه لانكشاف الأمر فيما بعد، وهذا وجه المشهور.

ولأن هذا الدم لا تبنى عليه الاستحاضة على أصلنا، فلم يكن حيضًا كسائر الدماء الفاسدة. ولأنه ليس قبله عادة، ولا يتيقَّن (٢) أن بعده عادة، والحيض الصحيح حاصل بدونه، وهو دائر بين الحيض والاستحاضة، فلم تترك الصلاة المتيقَّنة بشيء مشكوك فيه؛ بخلاف اليوم والليلة، فإنَّ المرأة أهلٌ [١٨٦/أ] للحيض، وقد رأت الدم، ولا بدَّ أن يكون منه ما هو دمُ حيض، ويستحيل (٣) أن يكون الدم الخارج في وقت الإمكان جميعُه استحاضةً.

وأمرناها أن تجلس أولَّ ما رأته، وإن جاز انقطاعه قبل اليوم، لأنَّ الأصل جريانه واستمراره، فإنَّ الانقطاع خلاف الأصل.


(١) في الأصل: «بتمييزه»، وفي المطبوع: «تميز».
(٢) في المطبوع: «ولا نتيقن»، والمثبت من الأصل.
(٣) في الأصل: «أو يستحيل»، والمثبت من المطبوع.