للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك (١) كلُّ مستحاضة (٢) فإنَّ عليها أن تغتسل عند آخر الحيض، لأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: «إذا أقبلت الحَيضة فدَعي الصلاة، وإذا أدبرَتْ فاغتسلي وصلِّي» رواه البخاري (٣).

ولا يجب عليها في مدة الاستحاضة غسل، وإنما عليها أن تتوضَّأ، لأنَّ في حديث فاطمة: «وتوضَّئي لكلِّ صلاة» (٤)، ولم يأمرها بالغسل، وحيثما جاء الوضوء (٥) فهو استحاضة.

وإن اغتسلت كلَّ يوم غسلًا من الظهر إلى الظهر، فهو أفضل من الوضوء، لأنه ما من يوم إلا ويمكن أنَّ دمَ الحيض قد انقطع فيه. والأفضل من ذلك أن تغتسل ثلاثة أغسال: غسلًا تجمع به بين الظهر والعصر، وغسلاً تجمع به بين المغرب والعشاء، وغسلًا تصلِّي به الفجر؛ فتكون قد صلَّت بطهارة محقَّقة.

وأشدُّ ما قيل فيها أن تغتسل لكلِّ صلاة، لما روي عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اغتسلي لكلِّ صلاةٍ» رواه أبو داود (٦).


(١) في الأصل والمطبوع: «فكذلك».
(٢) في المطبوع: «استحاضة»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٣) برقم (٣٢٠)، وقد تقدَّم.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) في الأصل: «جاء الغسل»، والتصحيح من المطبوع.
(٦) علقه عقب الحديث (٢٩٢)، وقال: «رواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة»، وأخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق بمثل إسناده ونحو متنه (٢٦٠٠٥).
وهذا حديث معلول، إذ عامة الرواة عن الزهري لم يرفعوا أمرها بالاغتسال لكل صلاة، وإنما ذكروه من فعلها هي، والحمل فيه على ابن إسحاق وسليمان، قال ابن رجب في «فتح الباري» (١/ ٥٣٠): «ابن إسحاق وسليمان بن كثير في روايتهما عن الزهري اضطراب كثير، فلا يحكم بروايتهما عنه مع مخالفة حفاظ أصحابه».
انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (١/ ٣٥٠)، «إرواء الغليل» (١/ ١٧٨).