للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقاتَل. وأيضًا فإنَّ الالتزام قد يحصل بقوله (١): {فَإِنْ تَابُوا} فإن التائب من الكفر لا يكون تائبًا حتى يُقِرَّ بجميع ما جاء به الرسول ويلتزمَه (٢).

ولأنَّ الالتزام إن أريد به اعتقادُ الوجوب والإقرارُ به، فليس في اللفظ ما يدل على أنه (٣) المراد وحده. فإن أريد بذلك (٤) الفعلُ والوعدُ به، فهذا لا يجب إلا إذا وجب قتلهم بالترك، وإلا فلو كان قتلُهم بالترك غيرَ واجب، وقالوا: نحن نعتقد الوجوب ولا نفعل، لحَرُم قتلُهم، وهذا خلاف الآية.

وأيضًا مما هو دليلٌ في المسألة وتفسيرٌ للآية: ما أخرجاه في «الصحيحين» (٥) عن عبد الله بن عمر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُمِرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصَموا منِّي دماءهم وأموالهم، إلا بحقِّ [٢٢٣/ب] الإسلام، وحسابُهم على الله». وليس في لفظ مسلم «إلا بحقِّ الإسلام».

وعن أنس بن مالك قال: لما توفِّي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ارتدَّت العرب، فقال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل العربَ؟ فقال أبو بكر: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأنِّي رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة» رواه النسائي (٦).


(١) في المطبوع: «لا يحصل بقوله»، زاد «لا» دون تنبيه. وفي (ف): «قد حصل».
(٢) الأصل: «يلزمه»، والمثبت من (ف). وكذا في المطبوع.
(٣) في (ف): «أن». وفي الأصل: «على المراد».
(٤) في (ف): «بدل». وفي المطبوع: «وإن أريد به» خلافًا للأصل.
(٥) البخاري (٢٥) ومسلم (٢٢).
(٦) برقم (٣٠٤٣)، وأخرجه ابن خزيمة (٢٢٤٧)، كلاهما من طريق عمران القطان، عن معمر، عن الزهري، عن أنس به.
قال النسائي: «عمران القطان ليس بالقوي في الحديث، وهذا الحديث خطأ، والذي قبله الصواب، حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة»، وبمثله أعل الحديث أبو حاتم وأبو زرعة في «العلل» لابن أبي حاتم (٥/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، وانظر: «جامع العلوم والحكم» (١/ ٢٣٢ - ٢٣٣). وحديث أبي هريرة الذي استصوبه الحفّاظ سيأتي بعد قليل.