للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يدلُّ على أنَّ القتال مأمورٌ به إلى أن يوجد فعلُ الصلاة والزكاة، إذ لو كان مجرَّدُ الاعتقاد كافيًا لاكتُفي بشهادة أنَّ محمدًا رسول الله، فإنها تنتظم تصديقَه (١) بجميع (٢) ما جاء به، ولم يكن لتخصيص الصلاة والزكاة بالاعتقاد دون غيرهما معنًى. ثم قوله: «فإذا فعلوا ذلك عصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم» دليلٌ على أن العصمة لا تثبت إلا بنفس إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع الشهادتين.

ثم فهم أبو بكر - رضي الله عنه - (٣) منه حقيقة الإيتاء (٤) بموافقة الصحابة له على ذلك، حتى قال: «لو منعوني عِقالًا ــ أو: عَناقًا ــ كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَقاتلتُهم على منعها» (٥). ولم يقل: «على جَحدِها» وتعميمُه مَن منَعها جاحدًا أو معترفًا دليلٌ على أنَّ الفعل مراد.

فإن قيل: فقد روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا لا اله إلا الله، فإذا قالوها عصَموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا


(١) في (ف): «بتصديقه»، وفي المطبوع: «بصدقه»، تصحيف.
(٢) في (ف): «في جميع».
(٣) في (ف): «الصديق» مكان الترضِّي.
(٤) في الأصل والمطبوع: «الاتباع»، تصحيف.
(٥) أخرجه البخاري عن أبي هريرة (٧٢٨٤) ومسلم (٢٠).