للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضًا كالمؤذِّنَين. وإن أذَّن واحدٌ جاز، لما روى الحارث بن زياد الصُّدَائي قال: لما كان أوَّلُ (١) أذان الصبح أمرني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فناديتُ، فجعلتُ أقول: أقيم أقيم (٢) يا رسول الله؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق، فيقول: «لا». حتَّى إذا طلع الفجر نزَل فتبرَّز، ثم انصرف إليَّ، وقد تلاحق أصحابُه، فتوضَّأ. فأراد بلال أن يقيم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أخا صُدَاءٍ قد أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم» قال: فأقمتُ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه (٣).

ويستحبُّ أن يكون التأذين قريب الفجر، ليحصل المقصود، وهو إيقاظ النائم ورجع القائم، فإنه لا يُقصَد قبل ذلك. وفي «الصحيحين» (٤) أنه لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا أن ينزلِ هذا ويرقَى هذا.

ويستحبُّ أن يكون الأذان في وقت واحد، لأنه إذا قدَّم تارةً وأخَّر أخرى اضطرب على الناس أمرُ الوقت، ولم يُنتفَع بأذانه، بل قد يُتضرَّر به، فأشبه مَن


(١) «أول» ساقط من المطبوع.
(٢) كذا جاء مكررًا في الأصل، و «المغني» (٢/ ٧٢). وفي «سنن أبي داود» (٥١٤) مرة واحدة.
(٣) أبو داود (٥١٤)، والترمذي (١٩٩)، وابن ماجه (٧١٧)، وأحمد (١٧٥٣٧)، من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن زياد بن نعيم، عن زياد بن الحارث الصدائي به.
قال الترمذي: «حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث»، وبذلك ضعفه ابن عبد البر في «التمهيد» (٢١/ ١٠٢)، وأضاف ابن رجب إعلاله بالاضطراب، «فتح الباري» (٣/ ٥٢٦)، وانظر: «البدر المنير» (٣/ ٤٠٦ - ٤١٤).
(٤) البخاري (١٩١٨) ومسلم (١٠٩٢).