للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عادته الأذان أولَ الوقت، فأذَّن في أثنائه.

وعلى ذلك ما حمل (١) بعضُ أصحابنا ما روى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: أنَّ بلالًا أذَّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع، فينادي: «ألا إنَّ العبد نام». فرجع، فنادى: «ألا إنَّ العبد نام». رواه أبو داود (٢)،

وقال الترمذي: هو غير محفوظ. وقال الدارقطني (٣): [ص ٥] الصواب عن نافع عن ابن عمر أنَّ مؤذنًا لعُمر أذَّن قبل الصبح، فأمره أن


(١) كذا في الأصل والمطبوع، و «ما» زائدة.
(٢) برقم (٥٣٢)، من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر به.
رجاله ثقات غير أنه معلول بالتفرد والمخالفة، اتفق أئمة الصنعة على إعلاله بذلك: ابن المديني والذهلي وأحمد والبخاري وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم، قال الترمذي عقب الحديث (٢٠٣) ما حاصله: «هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن بلالًا يؤذن بليل ... »، وروى عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع: «أن مؤذنًا لعمر أذن بليل، فأمره عمر أن يعيد الأذان»، وهذا لا يصح، ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث، ولو كان حديث حماد صحيحًا لم يكن هناك معنى لحديث: «إن بلالًا يؤذن بليل»، فإنما أمرهم فيما يستقبل، ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر لم يقل: «إن بلالًا يؤذن بليل»».
وخالف جميع من تقدم بعض المتأخرين فحسنه بطرقه وشواهده، كابن التركماني في «الجوهر النقي» (١/ ٣٨٤)، وابن حجر في «فتح الباري» (٢/ ١٠٣) وقال: «وهذه طرق يقوي بعضها بعضًا قوة ظاهرة»، وصححه على شرط مسلم الألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (٥٤٢).

انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (١/ ٣٨٢ - ٣٨٣)، «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٥١٢ - ٥١٤).
(٣) في «السنن» (١/ ٢٤٤) و «العلل» (٢٩١١).