للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس قال: ينتظر المؤذِّن في الصلوات كلِّها بين الأذان والإقامة قدرَ ما يغتسل الرجل، وفي المغرب قدرَ ما [ص ١٣] يتوضَّأ. رواه الشالنجي (١).

وإنما قدَّرها الإمام أحمد بركعتين، لأنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يصلُّون بين الأذانين للمغرب ركعتين. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «بين كلِّ أذانين صلاة». ولأنه بالفصل يتأهَّب إلى الصلاة من ليس على أُهبةٍ، ويصلِّي من يريد الصلاة، ويدرك أكثرُ الجماعة حدَّ الصلاة وهو تكبيرة الإحرام، ويدركون التأمين. وذلك مقصود للشارع، وفيه أجر عظيم جاءت به الأحاديث.

وأما القعود، فَلِيفصِل بين الأذانين، وليكون قائمًا إلى الإقامة قيامًا مبتدأً، ولأنهما فصلان من الذكر يتقدَّمان الصلاة، يُفصَل بينهما بجلسة كالخطبتين. وإنما خُصَّت المغرب بذلك لضيق وقتها وكراهة تأخيرها. فأمَّا سائر الصلوات، فالفصلُ بين الصلاتين (٢) يحصل بأسباب أُخَر من الصلاة وغيرها.

فإن تأخَّر (٣) الجماعة أكثر من قدر ركعتين استُحِبَّ له انتظارهم ما لم يخَفْ خروج الوقت. قال مهنَّا: سألتُ أحمد عن إمام أذَّن لصلاة المغرب، فرأى أن ينتظر القومَ إلى أن يتوضؤوا (٤)، ما لم يخَفْ فوتَ الوقت.

وعنه: أنه إنما استُحِبَّ انتظارهم بالقدْر المتقدم. قال في رواية حنبل:


(١) وأخرجه السهمي في «تاريخ جرجان» (٢٤١).
(٢) كذا في الأصل والمطبوع، ولعل الصواب: «بين الأذانين».
(٣) في الأصل: «انتظر»، وفي حاشيته: «لعله تأخر». وفي المطبوع: «تأخرت».
(٤) في الأصل والمطبوع: «يتوضأ».