يقتضي أن يكون غيرَها لأنَّ المعطوف غير المعطوف عليه.
قلنا: العطف قد يكون للتغاير في الذوات، وقد يكون للتغاير في الأسماء والصفات، كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: ١ - ٤]، وهو سبحانه واحد، وإنما تعدَّدت أسماؤه وصفاته. فيكون العطف في هذه القراءة لوصفها بشيئين: بأنها وسطى، وبأنها هي العصر. وهذا أجود من قول طائفة من أصحابنا: إنَّ الواو تكون زائدة، فإنَّ ذلك لا أصل له في اللغة عند أهل البصرة وغيرهم من النحاة. وإنما جوَّزه بعضُ أهل الكوفة، وما احتجَّ به لا حجة فيه على شيء من ذلك (١).
فإن قيل: فقد قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨]، والقنوت إنما هو في الفجر.
قلنا: القنوت هو دوام الطاعة والثبات عليه، وذلك واجب في جميع الصلوات، كما قال تعالى:{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي}[آل عمران: ٤٣]، وقال [ص ٢٤]: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[الروم: ٢٦]، وقال:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}[الزمر: ٩]، فجعله قانتًا في حال سجوده وقيامه. وقال:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}[الأحزاب: ٣٥]، أراد به الصلاة، ولم يرد به مجرَّدَ الدعاء
(١) انظر في مسألة زيادة واو العطف: «الإنصاف» لأبي البركات ابن الأنباري (ص ٣٦٦).