للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القيام: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} [النساء: ٣٤]: أي مطيعات لأزواجهن.

ولا يجوز أن يراد بهذه الآية الدعاء في صلاة الفجر، لأنَّ ذلك لو كان مشروعًا لكان سنَّه حقيقةً (١). والآية سيقت لبيان ما يجب فعله ويتوكَّد في حال الخوف وغيره، فلا وجه لتخصيص الدعاء في حال القيام دون غيره بالذكر، وإنما يكون ذلك بالاشتغال بالصلاة عن غيرها. ولذلك لما نزلت أُمِروا بالسكوت، ونُهُوا عن الكلام.

ولو فُرِض أنَّ المراد به الدعاء في القيام، فليس في الكلام ما يُوجِب أنَّ ذلك في الصلاة الوسطى، لا حقيقةً ولا مجازًا؛ فلا يجوز حملُ الكلام عليه. بل لو كان القنوت هنا هو الدعاء لوجب أن يكون في جميع الصلوات على ما جاءت به السنَّة عند الحوادث والنوازل.

ولأنَّ الأمر بالمحافظة عليها خصوصًا بعد دخولها في العموم يوجب الاعتناءَ بها والتحذيرَ من تضييعها، والعصر محقوقة (٢) بذلك، لما روى أبو بَصْرة الغفاري قال: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - العصرَ بالمخمَّص، فقال: «إنَّ هذه الصلاة عُرِضت على مَن قبلكم، فضيَّعوها. فمَن حافظ عليها كان له أجره مرَّتَين. ولا صلاةَ بعدها حتى يطلع الشاهد». والشاهد: النجم. رواه أحمد ومسلم والنسائي (٣).


(١) في الأصل: «سنة حقيقة»، وفي المطبوع: «سنة حقيقية»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) يعني: حقيقة بذلك، وهو الاعتناء بها والتحذير من تضييعها. وفي المطبوع: «محفوفة» بالفاء خلافًا للأصل، تصحيف.
(٣) أحمد (٢٧٢٢٥)، ومسلم (٨٣٠)، والنسائي (٥٢١).