للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأكثر، من (١) غير أن يكون في الكلام ما يدل عليه، وذلك لا يجوز.

ولأنه على هذا التقدير تكون العلَّة تأذِّيَ (٢) الناس بالمشي في الحرِّ، وهذه علَّة تنفُّس الحرِّ سواء كان من فيح جهنم أو لم يكن. فلما قال: «فإنَّ شدَّة الحرِّ من فَيح جهنم»، وعلَّل بعلَّةٍ تُعلَم بالوحي عُلِمَ أنه (٣) قصد معنًى يخفى على أكثر الناس، وهو كراهةُ إيقاع الصلاة حالَ تسعير النار، كما كُرِه إيقاعُها وقتَ مقارنة الشيطان لها؛ وكره الصلاة وقتَ الغضب من الله، كما كره الصلاة في مكان الغضب (٤)، لأنَّ القلوب لا تُقبل على العبادة وقتَ تلك الساعة كلَّ الإقبال، ولا ينزل من الرحمة ما ينزل في غير ذلك الوقت.

وأيضًا ما روى أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: كنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذِّن للظهر، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أبرِدْ» ثم أراد أن يؤذِّن، فقال له: «أبرِدْ». حتى رأينا فيءَ التلول، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ شدَّة الحرِّ من فَيح جهنَّم. فإذا اشتدَّ الحرُّ فأبرِدُوا بالصلاة» متفق عليه (٥).

فهذا إبراد مع اجتماع المصلِّين، وهو نصٌّ في المسألة.

ولأنَّ سبب الإبراد إنما هو في شدَّة الحرِّ من فَيح جهنم وتنفُّسِها. وهذا كما أنه يؤذي الناسَ في حال بروزهم (٦) إلى المسجد، فكذلك في حال


(١) في المطبوع: «منه»، وهو أشبه برسمها في الأصل. والصواب ما أثبت.
(٢) في الأصل والمطبوع: «بأذى»، تصحيف.
(٣) في الأصل: «أن»، والمثبت من المطبوع.
(٤) في المطبوع بالصاد المهملة.
(٥) البخاري (٥٣٩) ومسلم (٦١٦).
(٦) يشبه رسمها في الأصل: «مرورهم»، والمثبت من المطبوع.