للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشدُّ ما تجدون من البرد من زمهرير جهنَّم» متفق عليه (١).

وقد حكى بعض [أصحابنا] (٢) وجهًا أنه لا فرق بين البلاد الحارَّة والباردة، ووجهًا بأن ذلك مخصوص بالبلاد التي يشتدُّ فيها الحرُّ. والذي قدَّمناه أصوب، فإنَّ الحرَّ والبرد لا بدَّ من وجودهما في جميع الأرض المعمورة. ولولا وجودهما لما عاش الحيوان، ولا نبت الشجر. ولا بدَّ أيضًا أن يكون الحرُّ في القَيظ أشدَّ منه في فصل الصيف والربيع اللذين (٣) يسمَّيان الربيع والخريف في كلِّ أرض بحسبها. لكن إذا كانت (٤) شدَّةُ الحرِّ في بعض البلاد بحيث لا تُكرَه الشمسُ، ولا يؤذى الجالسَ في الصبح، فليس هذا بحرِّ شديد. فلا يستحَبُّ الإبرادُ في مثل هذه البلاد البتَّة. وإذا كان الحَرُّ يؤذي فيها، فقد اشتدَّ الحرُّ، وإن لم يكن في أرض الحجاز.

وينبغي أن يقصِد في الإبراد، بحيث يكون [بين] (٥) الفراغ منها وبينَ آخر الوقت فصلٌ؛ لأنَّ المقصودَ من الإبراد يحصل بذلك. ولهذا فإنَّ في حديث أبي ذر: حتى رأينا فيءَ التلول (٦). وقال عبد الله بن مسعود: كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام. رواه أبو داود (٧). ولأنَّ


(١) البخاري (٣٢٦٠) ومسلم (٦١٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ما بين الحاصرتين من المطبوع، وقد زيد فيه دون تنبيه.
(٣) في الأصل: «الذي».
(٤) في الأصل والمطبوع: «كان في»، ولعله تحريف ما أثبت.
(٥) ما بين الحاصرتين من المطبوع.
(٦) تقدَّم قريبًا.
(٧) برقم (٤٠٠)، وأخرجه النسائي (٥٠٣).
وصححه الحاكم (١/ ١٩٩)، والألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (٤٢٩).