للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظهرَ حتى لا يشك أنها قد حانت، ويعجِّل العصر. والمغربُ يؤخِّرها حتَّى يعلم أنه سواد الليل، ويعجِّل العشاء.

وقد جاءت الأحاديث باستحباب تعجيل العصر مع الغيم خشية الفوات، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وهذا يدلُّ على أن الذي يُحذَر من تفويت العصر في الغيم لا يخاف مثلُه في الظهر، وعلى أن العصر هي التي تعجَّل مع الغيم، إذ لا مفسدة في تعجيلها في مثل هذه الحال، بخلاف الظهر. وعلى هذا فلا فرق بين المصلِّي وحده أو في جماعة مجتمعين أو مفترقين (١). وعلى هذا المنصوص، فإنه يستحَبُّ تأخيرُ المغرب وتعجيلُ العشاء مع الغيم أيضًا؛ لما تقدَّم من الأثر والمعنى. وعلى الرواية الأولى لا يستحب.

وفرَّق جماعة من أصحابنا (٢)، فاستحبُّوا تأخيرَ الظهر مع الغيم، ولم يستحبُّوا تأخير المغرب إذا عُلِم دخولُ وقتها، أو غلب على الظن، لأنَّ السنَّة التبكير فيها، ولأنَّ وقت العشاء قريب منها فلا يشُقُّ انتظارها، ولأن الخروج بعد الغروب قد يشُقُّ؛ ولأنَّ العشاء: السنَّةُ التأخير فيها.

والصحيح: المنصوص، لما تقدَّم. وقد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يؤخِّر المغرب ويعجِّل العشاء في مواضع تُذكَر إن شاء الله في باب الجمع. ولا تعريج مع السنَّة على رأي أحد. والعشاء وإن كانت السنَّة فيها التأخير، لكن


(١) في هامش الأصل: لعله: «أو مفرقين».
(٢) انظر: «الإنصاف» (٣/ ١٤٠). وفيه: وهو ظاهر كلام أحمد في رواية الميموني والأثرم.