للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشمسُ بيضاء مرتفعة، يسير الرجل حين ينصرف منها إلى ذي الحُليفة ستة أميال قبل غروب الشمس. رواه الدارقطني (١).

وعن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي العصرَ، والشمسُ طالعةٌ في حُجْرتي، لم يظهر الفيءُ بعدُ. متفق عليه (٢). وقال البخاري (٣): وقال أبو أسامة: «من قعر حجرتها». ولو كان يؤخِّرها لكانت الشمس قد مالت حتى خرجت من الحجرة، وظهر فيها الفيء، لأنها ليست كبيرة (٤).

ولأنَّ الله سبحانه أمر بالمحافظة عليها خصوصًا، وكذلك أمرَ رسولُه بذلك. وكمالُ المحافظة: أن تُصَلَّى في أول الوقت، ولا تُعرَّض (٥) للفَوات ودخول وقت الكراهة.

وكذلك وكَّد التبكيرَ بها مع الغيم، كما قد نصَّ عليه أحمد. فروي عن بريدة قال: كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فقال: «بكِّروا بالصلاة في اليوم الغَيم، فإنَّ من فاتته صلاة العصر حبِط عملُه» رواه أحمد وابن ماجه (٦).


(١) «السنن» (١/ ٢٥٢).
صححه الحاكم (١/ ١٩٢)، وأصله في «الصحيحين» دون هذه الزيادة، وقد اختلف هل هي من حديث أبي مسعود أو مدرجة؟ انظر: «الفصل للوصل» للخطيب البغدادي (٢/ ٦٥٣ - ٦٥٦)، «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٩ - ١٣)، «الإعلام» لمغلطاي (٣/ ٢٢٥ - ٢٢٨).
(٢) البخاري (٥٤٦) ومسلم (٦١١).
(٣) برقم (٥٤٤).
(٤) في الأصل: «كثيرة»، تصحيف.
(٥) في الأصل والمطبوع: «يصلي ... ولا يعرض».
(٦) أحمد (٢٣٠٥٥)، وابن ماجه (٦٩٤)، من طرق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن بريدة به.
حديث معلول، اضطرب الأوزاعي في إسناده ووهم في متنه، قال ابن رجب في «فتح الباري» (٣/ ١٢٧): «خالف (الأوزاعي) هشامًا في ذلك؛ فإن هشامًا قال في روايته: إن أبا المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر؛ فإن رسول الله قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»، فلم يرفع منه غير هذا القدر، وجعل الذين كانوا معه في الغزوة في يوم الغيم، والذي أمر بالتبكير بصلاة العصر هو بريدة، وهو الصحيح. واللفظ الذي رواه الأوزاعي لو كان محفوظًا لكان دليلًا على تأخير العصر في غير يوم الغيم، ولكنه وهم»، وانظر: «إرواء الغليل» (٢٥٥).