للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي الربيع قال: قلتُ لابن عمر: إني أصلِّي (١) معك، ثم ألتفِتُ، فلا أرى وجه جليسي. ثم أحيانًا تُسفر. قال: كذلك رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي. وأُحِبُّ أن أصلِّيها كما رأيتُ رسول الله صلى الله [ص ٥٥] عليه وسلم يصلِّيها. ولعل قوله: «أسفِرُوا بالفجر، فإنه أعظم للأجر» (٢) عنى به هذا.

ولأنه قد صحَّ عنه في العشاء أنهم كانوا إذا اجتمعوا عجَّل، وإذا أبطؤوا أخَّر (٣). فعُلِمَ أنه كان يراعي حالهم، وأنه إنما كان يغلِّس بها لأن أصحابه كانوا يغلِّسون، ولا يشقُّ عليهم التغليس.

ولأنَّ استحبابَ تأخير العشاء آكدُ من تقديم الفجر (٤)، فإنه لم تختلف الأحاديث فيه، ولا اختلف الناس فيه إلا اختلافًا شاذًّا، ومع ذلك استحببنا تقديمَها إذا شقَّ على المأمومين، فكذلك الفجر. لكنَّ مشقة التأخير في العشاء أكثر من مشقة التغليس بالفجر، إلا أنَّ هذا لا يمنع رعاية المشقَّة عند حصولها.

ولأنَّ التغليس بالفجر مع إسفار الجيران يفوِّت فضيلتين:

إحداهما: كثرة الجمع. وهي مطلوبة، لما روى أبيُّ بن كعب رضي الله


(١) في المطبوع: «صلَّيت». غيَّر ما ورد في الأصل لما قرأ بعده سهوًا: «التفَتُّ».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) في المطبوع: «تأخير تقديم الفجر».