انتظار الداخل في الركوع. كلُّ ذلك رعاية لحال المأمومين.
ولأنَّ التأخير إذا كان لمصلحة راجحة مثل الصلاة بوضوء، والصلاة جماعةً، أو أن يكون امتثالًا لأمر أبيه أو سيِّده أو شبه ذلك= كان أفضلَ من التقديم. وهي هنا كذلك، لما تقدَّم.
فإن قيل: فما الفرق بين الفجر والعشاء وسائر الصلوات؟
قلنا: الفجر والعشاء يكون النوم في بعض أوقاتهما، فيشقُّ فعلهما في وقت النوم. وأما غيرهما من الصلوات فإنَّ جميع أوقاتها سواء، فكان التقديم متعيِّنًا، بل ربما كان في الصلاة آخرَ الوقت أو وسطَه مشقّةٌ عليهم حتى لا ينضبط. فأمَّا هنا فإنَّ الإسفار وقت منضبط؛ حتى لو كان جماعة في مكان قد تهيّأ بعضهم لصلاة الظهر أو العصر أو المغرب، وبعضُهم لم يتهيَّأ، استحببنا التأخيرَ بحيث يتهيأ الجميع طردًا للقاعدة.
[ص ٥٦] وبين الفجر والعشاء فرق، وهو أنَّ العشاء، المستحَبُّ فيها التأخير. وإنما تقدَّم إذا شقَّ على المصلِّين تأخيرها، والغالب حصول المشقة بذلك. والفجر، المستحَبُّ فيها التقديم، وإنما يؤخَّر إذا شقَّ على المأمومين تقديمُها، وليس الغالب حصول المشقة بذلك. وفرقٌ بين الاستحباب الناشئ من نفس الوقت، والاستحباب الناشئ من مصلحة المصلِّين، والله أعلم.