للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن لا تُفعَل في غير الوقت.

قلنا: إنما خصَّ النائم والناسي إذ لا إثم عليهما في التأخير إلى حين الذكر والانتباه بخلاف العامد، فكان تأخيرها عن وقتها من الكبائر. ومعنى قول ابن مسعود أنه لا يحِلُّ له أن يؤخِّرها عن وقتها، ولا يُقبَل منه إذا أخَّرها، كما قال الصدِّيق - رضي الله عنه -: إنَّ لله حقًّا بالليل لا يقبله بالنهار، وحقَّا بالنهار لا يقبله بالليل (١). وذلك أن الله تعالى أوجب عليه أن يصلِّي، وأن يفعَل ذلك في الوقت. فالإخلالُ بالوقت لا يوجب الإخلالَ بأصل الفعل، بل يأتي بالصلاة، ويبقى التأخيرُ في ذمَّته؛ إمَّا أن يعذِّبه الله، أو يتوب عليه، أو يغفر له. ولم يُرِد أن الصلاة كالحجِّ من كلِّ وجه، فإنَّ الحجَّ لا يُفعَل في غير وقته، سواء أُخِّر لعذر أو لغير عذر؛ والصلاة بخلاف ذلك.

ومثل هذا ما روي أنَّ من أفطر يومًا من رمضان لم يقضِ عنه صيامُ الدهر كلِّه وإن (٢) صامه (٣). يعني: من أجل تفويت عين ذلك اليوم، مع أنَّ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٢١١)، وأبو داود في «الزهد» (٥٣)، وأبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٣٥).
(٢) في الأصل: «إن» دون الواو، والتصحيح من مصادر التخريج.
(٣) أخرجه أحمد (٩٧٠٥)، والترمذي (٧٢٣)، وابن ماجه (١٦٧٢)، من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن المطوس، عن أبيه المطوس، عن أبي هريرة به.
علقه البخاري بصيغة التمريض (٣/ ٣٢)، وقال ابن حجر في «تغليق التعليق» (٣/ ١٧١): «فيه اضطراب واختلاف»، ثم ذكر الاختلاف في إسناده. وضعفه الألباني في «ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (٢/ ٢٧٣). وانظر: «العلل الكبير» للترمذي (١١٦) , و «العلل» لابن أبي حاتم (٣/ ٣٦)، و «العلل» للدارقطني (٨/ ٢٦٦).