للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاء واجب عليه.

ويدل على ذلك أنَّ عمر وابن مسعود وغيرهما من السلف جعلوا تركَ الصلاة كفرًا، وتأخيرَها عن وقتها إثمًا ومعصيةً (١)، وفسَّروا بذلك قوله تعالى: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٥] وقوله تعالى: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩]. فلو كان فعلُها بعد الوقت لا يصحُّ بحال، كالوقوف بعرفة بعد وقته، لكان وجود تلك الصلاة كعدمها، وكان المؤخِّر كافرًا كالتارك. وقد أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الأمراء الذين يؤخِّرون الصلاة حتى يخرج وقتها، وأمرَ أن يصلَّى خلفهم (٢). ولو كانت الصلاة فاسدة لم تصحَّ الصلاة خلفهم كالمصلِّي بغير وضوء.

ويجوز تأخير القضاء شيئًا يسيرًا لغرض صالح، مثل اختيار بقعة على بقعة، وانتظار جماعة [ص ٥٩] يكثر بهم جمعُ الصلاة. بل يستحَبُّ له إذا نام عنها في موضع أن ينتقل عنه إلى غيره للقضاء. نصَّ عليه (٣)، واختاره بعض أصحابنا إذا نام عنها في منزل في السفر. وذلك كما فعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما فاتته صلاة الفجر في السفر وقال: «هذا منزل حضَرَنا فيه الشيطانُ» (٤)؛ لأنَّ الصلاة في مظانِّ الشياطين كالحمام والحُشَّ لا تجوز، فالتي عرض الشيطان فيها، أحسنُ أحوالها أن يستحَبُّ تركُ الصلاة فيها.

ولا يجب عليه القضاء أكثر من مرَّة واحدة؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقضِ يومَ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: «المغني» (٢/ ٣٤٧).
(٤) أخرجه مسلم (٦٨٠).