للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما صلَّيتها. فأمر بالمؤذِّن، فأقام، فصلَّى العصر، ثم صلَّى المغرب. رواه أحمد (١).

وهذا صريح بالإعادة إذا أخلَّ بالترتيب. وهذا الحديث فيه ضعف إلا أنه يقوِّيه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذ لم يصلِّ المغرب إلا بعد هَوِيٍّ من الليل، وبعيدٌ أن يكون نسيها إلى ذلك الوقت، فإنَّ وقت المغرب ضيِّق.

ولأنه قد قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» (٢)، على أنَّ كثيرًا من أصحابنا يجعل الأصل في جميع أفعاله الوجوبَ، وهو إحدى الروايتين.

ولأنَّ الفائتة يجب قضاؤها على الفور لما تقدَّم، والحاضرة يجوز تأخيرها إلى آخر الوقت، فوجب الابتداء بما يجب على الفور، كسائر الواجبات. ولأنَّ الفائتة الأولى استقرَّت في ذمَّته، وخوطب بقضائها إذا أدركها قبل الثانية، فإذا أخَّرها عن وقت الذكر أثِمَ بذلك. وأما الثانية، فإنما يجب عليه فعلُها بعد الأولى، إذ لا يكلَّف فعلَهما معًا.

فإن قيل: هذا يقتضي وجوبَ الابتداء. أمَّا عدمُ الصحة فلا يلزم، كما لو أخَّر الواحدة عن حين ذكرها (٣).


(١) برقم (١٦٩٧٥)، من طريق عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن يزيد، عن عبد الله بن عوف، عن أبي جمعة بن سباع به.

إسناده ضعيف، قال ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (٢/ ٥١٣): «فيه ابن لهيعة وهو ضعيف، لا يحتج به إذا انفرد»، وفيه أيضًا محمد بن يزيد الثقفي مجهول، كما في «التقريب» (٥١٣).
وقد ضعف الحديث الزيلعي في «نصب الراية» (١/ ٢٣٢)، وابن رجب في «فتح الباري» (٥/ ١٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣١) من حديث مالك بن الحويرث.
(٣) في المطبوع: «ذكره»، والصواب ما أثبت من الأصل.