للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: يتوجَّه أن يخرَّج في انعقاد الثانية قبل الأولى ما خُرِّج في انعقاد النفل المطلق قبلها وأولى، إذ النهيُ عنها بالمعنى في غيرها. وإنما المذهب أنها لا تصحُّ [ص ٦٢] لأنَّ هذا الترتيب مستحَقّ في الصلاة، فلم ينعقد مع الإخلال به، كترتيب السجود على الركوع. ولأنهما صلاتان مكتوبتان (١)، فوجب الترتيب بينهما كالمجموعتين. ولأنه إذا فعل الثانيةَ قبل الأولى فقد فعَلَها قبلَ وقت وجوبها فلم تُجزئه، كما لو صلَّى الحاضرة قبل وقتها؛ بخلاف النافلة فإنها لا تختصُّ بوقتْ.

ولأنَّ الفرائض من جنس واحد مختلف (٢)، فوجب الترتيبُ بينها بخلاف النفل. ولهذا يجوز له أن يتنفَّل قبل المجموعتين. وليس له أن يقدِّم الثانية على الأولى، لأن بعض الصلوات متعلِّق ببعض، بدليل أنَّ المغرب وترُ النهار، وأنَّ الصلاة الأخرى وترُ الليل، فإذا قدَّم بعضَها على بعضٍ خرجت الصلواتُ عن نظمها. وسواء قلَّت الفوائت أو كثرت، لما ذكر.

فإن نسي الترتيب، مثل أن يصلِّي الظهر، ثم يذكر أنه لم يصلِّ الفجر؛ أو أنه صلَّاها بغير طهارة= سقط الترتيب عنه في ظاهر المذهب.

وحكي عنه (٣): لا يسقط؛ لأنه ترتيب مستحَقّ، فلم يسقط بالنسيان،


(١) في الأصل: «مكتوبان»، والتصحيح من حاشيته.
(٢) كذا في الأصل والمطبوع.
(٣) حكاها ابن عقيل. قال أبو حفص: هذه الرواية تخالف ما نقله الجماعة عنه، فإمَّا أن تكون غلطًا أو قولًا قديمًا. وقال القاضي: سقط وجوبه رواية واحدة. انظر: «الإنصاف» (٣/ ١٩٠).