للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما يأتي من الأحاديث الدالَّة على كراهة الصور المرقومة في الثياب، فتحمل تلك الأحاديث على الكراهة، وهذا على عدم التحريم، جمعًا بينهما.

والفرق بين المرقوم في الثوب وغيره: أنَّ الصورة على غيره من الأجسام الصلبة تبقى ثابتة منتصبة على هيئة الصورة التي خلقها الله، فتتحقق فيها مفسدة الصور، بخلاف الصورة على الثوب، فإنها تلتوي وتنطوي ويغيَّر (١) وضعها بطيِّ الثوب ونشرِه، فلا تبقى (٢) على صورة الحيوان الذي خلقه الله. وفيه ابتذال لنفس الصورة، فأشبهت الصورةَ التي توطأ وتُداس.

ووجه الأول: ما روي عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه صورةٌ ولا كلبٌ ولا جنُبٌ» رواه أحمد وأبو داود (٣).

وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال لأبي الهيَّاج: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ لا تدع تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سوَّيته. وفي


(١) في المطبوع: «ويتغيَّر»، وليس بعيدًا. والمثبت من الأصل.
(٢) في المطبوع: «ولا تبقى» خلافًا للأصل.
(٣) أحمد (٦٣٢)، وأبو داود (٢٢٧)، والنسائي (٢٦١)، من طرق عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب به، وفي وجه: عن عبد الله بن نجي، عن علي به.

في إسناده مقال، مداره على ابن نجي، واختلف في حاله، قال البخاري في «التاريخ الكبير» (٥/ ٢١٤): «فيه نظر»، وروايته عن علي منقطعة، كما في «جامع التحصيل» (٢١٧)، وفي أبيه جهالة، وقد اضطرب عليه في رواية هذا الحديث على أوجه، قال البيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ٢٤٧): «مختلف في إسناده ومتنه».
وصححه ابن حبان (١٢٠٥)، والحاكم (١/ ٢٧٨)، انظر: «البدر المنير» (٤/ ١٨٦)، «ضعيف أبي داود: الكتاب الأم» (١/ ٧٦).