للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحريم إذا كان الخطابُ خطابَ أمر وتكليف. أمَّا إذا وقعت في المكان أو في الزمان الذي بيَّن أنه ليس محلًّا لها ولا ظرفًا، فإنها لا تصح إجماعًا.

وأيضًا فإنَّ نهيه عن صلاة المقبرة وأعطان الإبل والحمام مرّةً بعد مرّة أوكد شيء في التحريم والفساد، لاسيَّما وهو نهي يختصُّ الصلاةَ بمعنًى في مكانها، فإنَّ الرجل إذا صلَّى في مكان نهاه الله ورسوله أن يصلِّي فيه نهيًا يختصُّ الصلاة لم يفعل ما أمره الله به، فيبقى في عهدة الأمر، بل قد عصى الله ورسوله، وتعدَّى حدوده.

وأيضًا لعنته - صلى الله عليه وسلم - من يتخذ القبور مساجد، ووصيته بذلك في آخر عمره، وهو يعالج سكرات الموت، بعد أن نهى عن ذلك قبل موته بخمس، وبيانه أن فاعلي ذلك شرارُ الخلق من هذه الأمة ومن الأمم قبلها= بيانٌ عظيمٌ لقبح هذا العمل، ودلالةٌ على أنه من الكبائر وأنه مقارب للكفر، بل ربما كان كفرًا صريحًا.

وأيضًا فإنَّ قوله: «لا تجوز الصلاة فيها» صريحٌ في التحريم، والتحريم يقتضي الفساد خصوصًا هنا، ولذلك لا يصح أن يقال هنا بالتحريم مع الصحة، وإن قلنا به في الدار المغصوبة، لأنَّ النهي هناك ليس عن خصوص الصلاة، وقد يقال: إنه ليس لمعنًى في المنهيِّ عنه. وهنا النهيُ عن نفس الصلاة في المكان المخصوص لمعنًى في نفس المنهيِّ عنه.

وأيضًا فقوله: «لا تجوز» (١) دليل على أنه لا تجزئ، لأن العبادة (٢) الجائزة هي الماضية النافذة، وضدُّها [ص ١٥١] الموقوفة المردودة. وإذا


(١) في الأصل والمطبوع: «لا يجوز» وبعده «لا يجزئ».
(٢) في الأصل: «العادة».