للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السرار مع الغيم، فلما لم يَصُم ذلك الرجلُ السِّرار أمرَه بالقضاء؛ لأنه قد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تقدّموا رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومين، إلا أن يكون صومًا كان يصومُه أحدُكم فليصُمْه» (١).

ثم أمر بصوم السّرَر وقضائه، وهو يوم أو يومان، فيُحْمَل هذا على حال الصحو وهذا على حال الإغمام توفيقًا بينهما.

ويؤيد ذلك أن معاوية هو ممن روى حديث الأمر بصوم السِّرّ، وكان يتقدم رمضان، ويعلل بأني أن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان، وهذا الاحتراز لا يُشرع إلا في الغيم.

ومطرّف بن الشّخِّير هو الذي روى حديث عِمران بن حُصين، وكان يصوم هذا الصوم، ويقول: لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان. رواه النجاد وغيره (٢).

وقد فسَّر سعيدٌ والأوزاعي سرَّه بأنه أوّله، وهذا إنما يكون مع الغيم؛ لأنه يجعل يوم الإغمام أول الشهر حكمًا واجبًا مضى؛ فهو سِرارٌ لشعبان من وجه، وأولٌ لرمضان من وجه.

فإن قيل: هذا محمول على أن الرجل كانت له عادة بصوم السِّرار، أو كان (٣) قد نَذَره.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ذكره النووي في «المجموع»: (٦/ ٤٠٨) بلا إسناد.
(٣) في المطبوع: «يصوم السرار وكان» وهو مخالف لما في الأصلين.