للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصحّ أن يقال: إنما هذا فيمن شقّ عليه الصوم في السفر لأن الحديث خارج على هذا السبب؛ لأنه قد رُوي مبتدأً غيرَ خارج على سبب، ولأن اللفظَ العامَّ (١) لا يجب قصرُه على سببه، بل يُحمل على عمومه، ولأن التظليل ليس فيه دليل على المشقّة التي تضرّه حتى يجب معها الفطر.

ولأنه لو كان ذلك لأجل المشقّة خاصة لكان الصوم إثمًا، ولقيل: إن مِن الإثم الصوم في السفر، فإن نفي البرّ ليس يلزم منه وجود الإثم، لأن بينهما مرتبة ثالثة.

ولأنه قد قال في الحديث: «عليكم برُخْصةِ الله التي أرْخَص لكم فاقبلوها»، والرخصة عامة لجميع الناس.

ولأنه لما كان الصومُ في الجملة مظنةَ المشقّة، بيَّن أن لا برَّ في الصوم فيه لإفضائه إلى هذا الضرر، وإن تخلّف عنه في بعض الصور.

وأيضًا تقدّم ما رُوي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحبّ أن تُؤتَى رُخَصُه كما يَكره أن تُؤتَى معصيتُه» رواه أحمد وابن خزيمة في «صحيحه» (٢).


(١) المطبوع: «عام».
(٢) أخرجه أحمد (٥٨٧٣)، وابن خزيمة (٢٠٢٧). والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان (٢٧٤٢، ٣٥٦٨)، وقال النووي في «الخلاصة»: (٢/ ٧٢٩): بإسناد جيّد، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: (٣/ ١٦٢): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والبزار والطبراني في الأوسط، وإسناده حسن».وصححه الألباني في «الإرواء»: (٣/ ٩). وفي الحديث بعض الاختلاف، ينظر «تنقيح التحقيق»: (٢/ ٥٢٦ - ٥٢٨) لابن عبد الهادي. وله شواهد من حديث ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهما -.