للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفظه (١): أنه سئل عن جلود الميتة فقال: "دباغها ذكاتها". فقد شبَّه الدِّباغ بالذكاة، وحكمُ المشبَّه مثل المشبَّه به أو دونه.

ولأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع (٢). ولا تكاد تستعمل إلا مدبوغة، ولم يفصِّل؛ وهذا مبني على أنّ الذكاة لأجل المأكول. فأما غير المأكول فلا يطهُر جلده بالذكاة لأنه ذبحٌ غير مشروع، فلم يفد طهارة الجلد، كذبح المحرم الصيد والذبح في غير الحلق واللَّبّة، ولأنه ذبحٌ لا يفيد حِلَّ اللحم فلم يُفد طهارة الجلد، كذبح المجوسي والمرتدّ. وهذا لأنَّ التنجيس لو كان بمجرَّد (٣) احتقان الرطوبات في الجلد، وإزالته مشروعة بكلِّ طريق، لم يفرُق (٤) بين ذابح وذابح، ومَذبح ومَذبح (٥).

والذي يدل على أنَّ ما لا يؤكل لحمه لا يطهر جلده، لا بذكاة ولا بدباغ: ما (٦) روى أبو المَلِيح بن أسامة عن أبيه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود


(١) في الحديث (٤٢٤٥). وفي الحديثين (٤٢٤٦ و ٤٢٤٧): "ذكاة الميتة دباغها".
(٢) سيأتي بعد قليل.
(٣) في المطبوع: "لمجرد"، والمثبت من الأصل، والباء للسببية.
(٤) ضبط الراء من الأصل.
(٥) في المطبوع: "ذابح وذِبْح ومِذْبَح ومَذْبَح". والكلمة الثانية غير محررة في الأصل. ولعل الصواب ما أثبتنا.
(٦) في الأصل: "لما"، والظاهر أنه سهو.