للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: لو كان هو المتقدِّم للزم تغيير الحكم مرتين؛ لأن الحجامة كانت غير محظورة، ثم نَهَى عنها، فإذا أَذِن فيها بعد ذلك، فقد غيّر الحكمَ مرتين (١)، بخلاف ما إذا كان الإذن قبل النهي.

الثالث: أن الصحابة - رضي الله عنهم - علموا أن النهيَ آخرُ الأمرين، كما تقدّم عن ابن عمر وغيره، ولهذا رجعوا عن القول بالاحتجام إلى تركه، وأبو موسى وابن عباس كانا يكرهان الحجامة للصائم، وهما ممن رويا حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم، بل عليهما مدار الحديث (٢).

الوجه الثاني: أن هذا الحديث لا يخالف قولَه: «أفطرَ الحاجمُ والمحجوم»؛ لأن فيه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم، وفي لفظ للبخاري (٣): «مِن وجعٍ به» والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محرمًا في رمضان قط؛ لأن إحرامه بعُمَرِه الثلاثة وبحِجّة الوداع في ذي القعدة، فيكون هذا الصوم (٤) تطوُّعًا. ثم كان مريضًا، والمريض يجوز له الفطر، ثم كان مسافرًا، لأنه لم يكن محرمًا مقيمًا قط.

فإذا كان الفطر جائزًا له من (٥) هذه الوجوه الثلاثة، فيكون قد احتجم وإن أفطر بالحجامة، فإنه ليس في الحديث لا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه


(١). من قوله «لأن الحجامة .. » إلى هنا ساقط من س وهو انتقال نظر.
(٢). س: «هذا الحديث».
(٣). (٥٧٠٠).
(٤). في س: «الوداع كان ... والصوم كان».
(٥). المطبوع: «في».