للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنه قال: قال رجل: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحجَّ، أفأحجُّ عنه؟ قال: «أرأيتَ لو كان على أبيك دينٌ أكنتَ قاضيَه؟» قال: نعم، قال: «فدينُ الله أحقُّ» (١). رواهن النسائي.

فوجه الدلالة من هذه الأحاديث من وجوه:

أحدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بفعل حجة الإسلام والحجةِ المنذورة عن الميت، وبيَّن أنها تُجزئ عنه، وهذا يدل على بقائها في ذمته، وأنها لم تسقط بالموت، وأنها تؤدَّى عنه بعد الموت.

وكل ما يبقى من الحقوق بعد الموت ويؤدَّى بعد الموت، فإنه يجب فعله عنه (٢) إذا كان له ما يُفعَل منه، وذلك لأن (٣) من يقول: لا يجب فعله بعد الموت يزعم أن حجة الإسلام قد سقطت بالموت، وأن الذي يُفعل عنه حجُّ تطوعٍ له أجره وثوابه؛ لأن الواجب ــ زعم ــ لا يُفعَل إلا بإذنه، حتى لو أوصى (٤) بذلك، فإن الذي يوصي به ليس هو حجة الإسلام عنده. والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن أن نفس الواجب هو الذي يُقضَى عنه.

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[ق ١٥٣] بيَّن أن الحج دَينٌ في ذمته، وكل من عليه


(١) أخرجه النسائي (٢٦٣٩) بإسناد فيه لين.
(٢) في المطبوع بعدها: «بعد الموت». وليست في النسختين.
(٣) س: «لا».
(٤) ق: «رضي».