للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دين فإنه يجب أن يُقضى عنه من تَرِكته بنصّ القرآن.

الثالث: قوله: «اقْضُوا الله، فالله أحقُّ بالوفاء» (١)، وقوله في حديث آخر عن الصوم: «فحقُّ الله أحقُّ» (٢)، إما أن يكون معناه: أن قضاء دين الله أوجب من قضاء دين الآدمي، كما فسَّره بذلك القاضي (٣) وغيره من أصحابنا؛ لأن وجوبه أوكد وأثبت. ويرجِّح هذا المعنى أن وجوب الحج والزكاة آكدُ من وجوب قضاء [دين] (٤) الآدمي؛ لأنهما من مباني الإسلام، مع ظاهر قوله: «فالله أحقُّ بالوفاء». فعلى هذا إذا وجب قضاء دين الآدمي من تركته فلأَن (٥) يجب قضاء دين الله أولى وأحرى.

وإما أن يكون معناه: إذا كان قضاء دين الآدمي يُجزِئ عنه بعد الموت فدين الله أحقُّ أن يُجزِئ؛ لأن الله تعالى كريم جواد، ومن يكون أحرى بقبول القضاء فحقه أولى أن يقضى؛ لأنه أجدرُ أن يَحصُل بقضائه براءة الذمة. ويُرجِّح هذا المعنى أن القوم إنما سألوه عن جواز القضاء عن الميت لا عن وجوبه عليهم، فعلى هذا إذا وجب فعلُ الدين عنه لبقائه وكونه يُجزئ عنه بعد الموت، وجب قضاء الحج ونحوه عنه لبقائه وكونه يُجزئ بعد الموت (٦)، لأن معناهما واحد.


(١) سبق أنه عند البخاري.
(٢) أخرجه الترمذي (٧١٦، ٧١٧) وقال: «حديث حسن صحيح»، وابن ماجه (١٧٥٨) وابن خزيمة (١٩٥٣، ٢٠٥٥) وابن حبان (٣٥٣٠، ٣٥٧٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) في «التعليقة» (١/ ٨٢).
(٤) ليست في النسختين.
(٥) س: «فان».
(٦) «وجب ... الموت» ساقطة من ق.