للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص للنساء في الخفاف مطلقًا، وأنهن لم يُعنَينَ بهذا الخطاب.

ولهذا أخذ بحديثه بعض المدنيين في أن السراويل لا يجوز لبسه، وأن لابسه للحاجة عليه الفدية حيث لم يأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه. ومعلوم أن هذا مُوجَب حديثه. فإذا نُسِخ موجب حديثه في السراويل نُسِخ موجبه في الخف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرهما جميعًا وسبيلهما واحد.

قال مالك (١) وقد سُئل [عما ذُكِر عن] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل»، قال مالك: لم أسمع بهذا، ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس السراويلات فيما نَهى عنه من لُبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها، ولم يستثنِ فيها كما استثنى في الخفين.

[ق ٢٣٥] فهذا قول من لم يبلغه حديث ابن عباس. وقد أحسن فيما فهم مما سمع.

الثالث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قال: «الخِفاف لمن لم يجد النعلين، والسراويل لمن لم يجد الإزار» لو قصد بذلك الخف (٢) المقطوع لوجب أن يقصد بذلك السراويل المفتوق؛ لأن المقصود بقطع الخف تشبيهه بالنعل، فكذلك السراويل ينبغي أن يشبَّه بالإزار، بل فَتْق السراويل أولى لوجوه:

أحدها: أنه مُحيطٌ (٣) بأكثر مما يحيط به الخف.


(١) في «الموطأ» (١/ ٣٢٥). وما بين المعكوفتين منه، وفي النسختين بياض.
(٢) «الخف» ليست في ق.
(٣) في النسختين «مخيط» بالخاء، والصواب ما أثبت، كما يدل عليه السياق.