للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنه ليس في فتْقِه إفسادٌ له، بل يمكن إعادته سراويلًا بعد انقضاء الإحرام.

والثالث: أن فَتْق السراويل يجعله بمنزلة الإزار، حتى يجوز لبسه مع وجود الإزار بالإجماع، بخلاف قطع الخف، فإنه يقرِّبه إلى النعل ولا يجعله مثله. فإذا لم يُقصَد بالسراويل [إلا السراويل] (١) المعروف كما تقدم، فالخف أولى أن لا يُقصَد به إلا الخف المعروف. وإن جاز أن يُدَّعى أنه اكتفى بما ذكره أولًا (٢) من القطع، جاز أن يُدَّعى أنه اكتفى بالمعنى الذي نبَّه عليه في الأمر بالقطع، وهو تغيير صورته إلى ما يجوز لبسه، وذلك مشترك بين الخف والسراويل، بل هو بالسراويل أولى، فإن تقييد المطلق بالقياس جائز كتقييده بلفظ آخر. لكن هذا باطل لما تقدم، فالآخر مثله. وهذا معنى ما ذكره مهنّا (٣) لأبي عبد الله وقد حكى له أنه ناظر بعض أصحاب الشافعي في قطع الخفين، وأن سبيل السراويل وسبيل الخف واحد. فتبسَّم أبو عبد الله، وقال: ما أحسنَ ما احتججتَ عليه!

الوجه الرابع: أن المطلق إنما يُحمل على المقيَّد إذا كان اللفظ صالحًا له عند الإطلاق ولغيره، فيتبيَّن باللفظ المقيد أنما المراد هو دون غيره، مثل قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣]، فإنه اسم مطلق يدخل فيه المؤمنة والكافرة، فإذا عُني به المؤمنة جاز لأنها رقبة وزيادة. وكذلك صوم ثلاثة أيام يصلح للمتتابعة وللمتفرقة، فإذا بيّن أنها متتابعة جاز.


(١) ما بين المعكوفتين ليس في النسختين، والسياق يقتضيه.
(٢) في النسختين: «إلا». والصواب ما أثبت بدلالة السياق.
(٣) كما في «التعليقة» (١/ ٣٤١، ٣٤٢).