للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصنع الله بأوساخنا؟ (١).

وعن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسًا أن يَشُمَّ المحرم الريحان وينظر في المرآة ويدخل الحمّام (٢).

وعن عطاء بن السائب عن إبراهيم: كانوا يستحبُّون إذا أرادوا أن يحرموا أن يأخذوا من أظفارهم وشواربهم وأن يستحدُّوا، ثم يلبسوا أحسن ثيابهم، وكانوا يستحبون أن يدخلوا مكة نهارًا وأن يخرجوا منها ليلًا. فلقيتُ سعيد بن جبير فذكرت له قول إبراهيم، قال: قلت له: أطرحُ ثيابي التي فيها تَفَثي وقَمْلي؟ قال: نعم أبعدَ الله القَمْل (٣). رواهن سعيد في «سننه».

فإن قيل: هذا فيه إزالة الوسخ والغبار وقتل القمل وقطع الشعر وتخمير الرأس في الماء.

قيل: أما تخمير الرأس فإنه ليس المقصود التغطية، وإنما المقصود الاغتسال، فصار كما لو حمل على رأسه شيئًا.

وأما قطع الشعر فإنما يجوز له من ذلك ما لا يقطع شعرًا.

وأما إزالة الوسخ وقتل القَمْل فسنتكلم عليه.

وهذا يقتضي أنه يُكره تعمُّدُ إزالة الوسخ وكذلك قتل القَمْل، فعلى هذا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١٥٠١٦) والبيهقي في «الكبرى» (٥/ ٦٣).
(٢) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٣٢) والبيهقي في «الكبرى» (٥/ ٦٢، ٦٣) بأطول منه، وليس فيه ذكر النظر في المرآة، وقد سبق تخريج أثر ابن عباس في ذلك.
(٣) علّق البخاري في «صحيحه» عن إبراهيم أنه قال: «لا بأس أن يبدل ثيابه». انظر «الفتح» (٣/ ٤٠٥ - ٤٠٦).