للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطعِموه أهلَ الحلّ». قال: فشهد دونهم من العدة من الاثني عشر، قال: فثنى عثمان وَرِكَه عن الطعام، فدخل رَحْلَه وأكل ذلك الطعام أهلُ الماء.

فهذا الصيد قد كان صُنع لعثمان وأصحابه، وكان عثمان يرى أن ما لم يُعِنْ على صيده بأمرٍ أو فعلٍ فلا بأس به، فلما أخبره علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقبل ما أهدي إليه، رجع عن ذلك، وكان لا يأكل مما صنع له، فروى عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عثمان عليه السلام بالعَرْج وهو محرم في يوم صائفٍ وقد غطَّى رأسه بقطيفة أُرْجُوانٍ (١)، ثم أُتي بلحم صيد، فقال لأصحابه: كلوا، قالوا: ولا تأكل أنت؟ قال: إني لست كهيئتكم، إنما صِيْد من أجلي. رواه مالك وغيره (٢).

وعن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: خرج أبي مع عثمان إلى مكة، فنزلوا ببعض الطريق وهم محرمون، فقُرِّب إلى عثمان ظبيٌ قد صِيد، فقال لهم: كلوا فإني غير آكله، فقال له عمرو: أتأمرنا بما لستَ آكلَه (٣)؟ فقال عثمان: لولا أني أظن أنما صيد لي وأُميتَ من أجلي لأكلتُ. فأكلوا ولم يأكل عثمان منه شيئًا. رواه سعيد والدارقطني (٤)، ولفظه: «إني لست في ذاك مثلكم، إنما صِيْد لي وأُميتَ باسمي».


(١) شجر له زهر شديد الحمرة، ويطلق على الصبغ الأحمر. والقطيفة: كساء له خمل. والمراد هنا كساء أحمر.
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١/ ٣٥٤)، وعنه الشافعي في «الأم» (٨/ ٦٧٤)، ثم من طريقه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٥/ ١٩١) و «معرفة السنن» (٧/ ٤٣٢).
(٣) في المطبوع: «بآكله» خلاف النسختين.
(٤) رواه الدارقطني (٢/ ٢٩١) من طريق عبد الرزاق ــ وهو عنده في «المصنف» (٨٣٤٥) ــ بإسناد صحيح، إلا أن المُهدَى له فيه «لحم طائر» لا لحم ظبي.