للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما نُقل عن عثمان من الرخصة مطلقًا فقد رجع عنه؛ بدليل ما روى سعيد (١) عن بُسْر (٢) بن سعيد أن عثمان - رضي الله عنه - كان يُصاد له الوحش على المنازل، ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته أو ثلاثة (٣)، ثم إن الزبير كلَّمه فقال: ما أدري ما هذا، يُصاد لنا أو من أجلنا، أن لو تركناه، فتركه.

وهذا متأخر عما روى عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: حججت مع عثمان - رضي الله عنه -، فأُتي بلحم صيد صاده حلال، فأكل منه، وعليٌّ جالس فلم يأكل، فقال عثمان: والله ما صِدْنا ولا أشرنا ولا أمرنا، فقال علي: {حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] (٤).

ثم اتفق رأي عثمان والزبير على أن معنى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ما صيد للمحرم لا يأكله، وكان ذلك بعد أن حدَّثه علي والأشجعيون بالحديث، فعُلِم أنهم فهموا ذاك من الحديث. ويدلُّ على ذلك أن ابن عباس هو الذي روى حديث الصعب وحديث زيد، وروى عبد الله في «مسند أبيه» (٥) عن علي قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بلحم صيدٍ وهو محرم، فلم يأكله.

وعن طاوس عن ابن (٦) عباس قال: لا يحلُّ لحم الصيد وأنت محرم.


(١) في «سننه» بإسناد صحيح، ومن طريقه ابن حزم في «المحلَّى» (٧/ ٢٥٣ - ٢٥٤).
(٢) في النسختين: «بشر» تصحيف.
(٣) كذا بالهاء في النسختين. وفي المطبوع: «ثلاثا».
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨/ ٧٣٨، ٧٤٠) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مولاه عبد الله بن الحارث به. ويزيد لين الحديث، ولكنه توبع كما سبق قريبًا.
(٥) رقم (٨٣٠) بإسناد ضعيف، إلا أنه يثبت ويصح بالمتابعات السابقة.
(٦) «ابن» ساقطة من المطبوع.