للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السادس: أن أهل المدينة متفقون على هذا عملًا (١) وَرِثُوه من زمن الخلفاء الراشدين إلى زمن أحمد ونظرائه، وإذا اعتضد أحد الخبرين بعمل أهل المدينة كان أولى من غيره في أصح الوجهين، وهو المنصوص عن أحمد في مواضع. وقد تقدَّم أنه اعتضد في هذه المسألة [بعمل] (٢) أهل المدينة، لا سيما إذا كانوا قد رووا هم الحديث، فإن نقلهم أصحّ من نقلِ غيرهم من الأمصار، وهم أعلم بالسنة من سائر أهل الأمصار، وكان عندهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين أُمِرنا باتباعهم بإحسانٍ ما لم يكن عند غيرهم. وإنما كان الناس تبعًا لهم في الرأي والرواية إلى انصرام خلافة عثمان وبعد ذلك، فإن لم يكونوا أعلمَ من غيرهم، فلم يكونوا بدونِ من سواهم. ونحن وإن لم نُطلِق القول بأن إجماعهم حجة (٣) فإنا نضعهم مواضعهم، ونؤتي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ونعرف مراتب المحدثين والمفتين والعاملين لنرجِّح عند الحاجة من يستحق الترجيح. وفي المسألة أقيسة شَبَهية (٤)، ومعانٍ فقهية.

وأيضًا فإن الإحرام يحرِّم (٥) جميع دواعي النكاح تحريمًا يوجب الكفارة، مثل القُبلة والطيب، ويمنع التكلم بالنكاح والزينة، وهذه مبالغة في حَسْم موادّ النكاح عنه. وعقدُ النكاح من أسبابه ودواعيه، فوجب أن يُمنع منه.


(١) في المطبوع: «علما» تحريف.
(٢) زيادة ليستقيم المعنى.
(٣) انظر رأي المؤلف في هذا الموضوع في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٠٣ وما بعدها) و «جامع المسائل» (٥/ ٢٧٢).
(٤) في المطبوع: «شبيهة» خلاف ما في النسختين.
(٥) في المطبوع: «تحريم» خطأ.