للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأماكن وانتقل عنها سُمِّي راجعًا بهذا الاعتبار.

وفيها طريقة أخرى أحسن من هذه، وهي طريقة أكثر السلف أن معنى الآية: إذا رجعتم إلى أهلكم. وهي طريقة أحمد؛ لأنه قال (١): إذا فرّط في الصوم وهو متمتع صام بعدما يرجع إلى أهله، وعليه دم.

وقال في رواية جماعة: عليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع (٢)، وإن شاء صام في الطريق. وذلك لما أخرجا في «الصحيحين» (٣) عن ابن عمر وعائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدِمَ مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحلُّ من شيء حرم منه حتى يقضي حجَّه، ومن لم يكن أهدى فليطفْ بالبيت وبين الصفا والمروة، وليقصِّر وليحلِلْ، ثم ليُهِلَّ بالحج وليُهْدِ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله». وذكر الحديث. وهذا تفسير من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروى البخاري (٤) عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن متعة الحج، فقال: أهلَّ المهاجرون والأنصار وأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وأهللنا، فلما قدِمنا مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة، إلا من قلَّد الهدي». طُفنا بالبيت وبين الصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب. وقال: «من قلَّد الهديَ فإنه لا يحلُّ له حتى يبلغ الهدي محلَّه»، ثم أمرنا عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت


(١) في رواية أبي طالب كما في «التعليقة» (١/ ٢٨٩).
(٢) في النسختين: «رجعتم». والمثبت يقتضيه السياق.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) رقم (١٥٧٢).