للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمرة ويُهِلُّ بها، كما قد يجعل الرجل صلاة الفرض نفلًا. نعم قد روي في بعض الطرق أن عمر قال لأبي أيوب: اصنعْ كما يصنع المعتمر، وقد حللتَ، فإذا أدركتَ قابل (١) فاحججْ، وأهْدِ ما تيسَّر من الهدي. رواه النجّاد (٢). وهذا كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما حاضت: «اصْنعي ما يصنعُ الحاجُّ، غيرَ أن لا تطوفي بالبيت».

وأيضًا فإن طواف الحج الواجب [لا يصح إلّا] (٣) بعد التعريف، كما أن الوقوف بمزدلفة لا يصح إلا بعده؛ لأن الله قال: [ق ٣٨٣] {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]. فمن لم يُعرِّفْ كيف يطوف للحج ولم يقْضِ تَفثَه ولم يُوفِ نذرَه؟

وأيضًا فإن العبادة الموقَّتة التي يُشترط الوقت لصحتها إذا فاتت زالت جميعها كالجمعة، ولا يجوز أن يُتمَّم شيء منها على أنه منها بعد خروج وقتها، فكيف يجوز أن يقال: قد فاته الحجُّ ويمضي فيما بقي من أفعال الحج؟

نعم، لما كان الإحرام يوجب عليه إتمامه، وإتمامه إنما يكون في حج أو عمرة، وقد تعذَّر إتمامه لحجة، أتمَّه عمرةً (٤)؛ لأنه لا يجوز أن يخرج من


(١) كذا في النسختين و «التعليقة». والمعنى: عامًا قابلًا أي آتيًا.
(٢) كما عزاه إليه القاضي في «التعليقة» (٢/ ٢٨٦). وفي مطبوعتها تحرّف «النجاد» إلى «البخاري» فعلق عليه المحقق: «لم أقف عليه عند البخاري ولا من عزاه إليه»!
(٣) هنا بياض في النسختين.
(٤) في المطبوع: «لعمرة» خلاف النسختين.