للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «تمضمضوا من اللبن، فإنَّ له دسَمًا» رواه ابن ماجه (١).

وهذا يفيد الاكتفاء بالمضمضة في كلِّ لبن، وأنَّ الأمر بها استحباب.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أُتي بلبن من ألبان الإبل، فشرِبَ. فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال: لا أباليه بالةً، اسمَحْ يُسْمَحْ لك. رواه سعيد (٢).

وأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأعراب الذين قدموا المدينة أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، مع كونهم حديثي عهد بجاهلية، ولم يأمرهم بالوضوء.

وحديث أُسَيد فيه الحجاج بن أرطاة, وهو ضعيف. وحديث عبد الله بن عمر [فيه] (٣) بقية، وهو ضعيف. وقول أحمد وإسحاق: «فيه حديثان صحيحان» يدلُّ على ضعف ما سواهما، وليس فيهما اللبن.

ويمكن الجواب عن هذا كلِّه. أما المضمضة من اللبن فلا ينفي وجوب غيره. وذلك لأن المضمضة مأمور بها عند الشرب لإزالة الدسم، والوضوء إنما يجب عند القيام إلى الصلاة، كالأمر بغسل اليد عند القيام من نوم الليل. والأمرُ بالاستنشاق والسواك لا ينفي وجوبَ غسل اليد والمضمضة


(١) برقم (٤٩٨) من حديث عبد الله بن عباس.
إسناده جيد، غير أن لفظه غير محفوظ، فقد أخرجه الستة بلفظ الحكاية لا الأمر.

ويغني عنه ما أخرجه ابن ماجه (٤٩٩) عن أم سلمة ترفعه: «إذا شربتم اللبن فمضمضوا؛ فإن له دسمًا»، رجال إسناده ثقات كما قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (١/ ٧٢)، وصححه مغلطاي في «الإعلام» (٢/ ٧٧).
(٢) وأخرجه عبد الرزاق (٦٨٦)، وابن أبي شيبة (٦٤٧).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل. ولا يصح ما ذكر في حاشية المطبوع أن في الأصل: «في».