للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خصوصًا خصَّه به دون سائر الأنبياء؛ وندَب قُوَّامَ الليل إلى الاستغفار بالأسحار. والرشدُ مبتدأ الخير، فإنه من لم يرشُد يكن غاويًا، والغاوي: المتِّبِع للشهوات، المضِيعُ للصلوات (١).

ولأن الأذان له خصائص لا توجد في الإمامة. منها: أنه يُغفَر له مدَّ صوته، وأنه يستغفر له كلُّ رطب ويابس, وأنه لا يسمع صوتَ المؤذن جنٌّ ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلا شهد له يوم القيامة. وقد تقدَّم ذلك.

وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناسُ ما في النِّداء والصفِّ الأول، ثم لا يجدوا إلا أن يَستهِموا عليه، لاستهموا عليه» متفق عليه (٢).

وعن معاوية أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذّنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» رواه أحمد ومسلم (٣).

وعن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذِّن يُغفرَ له مدَّ صوته، ويصدِّقه من يسمعه من رطب ويابس، وله مثلُ أجر من صلَّى معه» رواه أحمد والنسائي (٤).


(١) أخذه من قوله تعالى في سورة مريم [٥٩]: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. وفي مواضع أخر فسَّر الغيَّ باتباع الهوى. انظر مثلًا: «جامع الرسائل» (٢/ ٢٦٥)، و «جامع المسائل» (٣/ ٢٥٨)، (٦/ ١٤٦)، «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٤٠).
(٢) البخاري (٦١٥) ومسلم (٤٣٧).
(٣) أحمد (١٦٨٦١)، ومسلم (٣٨٧).
(٤) أحمد (١٨٥٠٦)، والنسائي (٦٤٦)، من طرق عن قتادة، عن أبي إسحاق الكوفي، عن البراء به.
في إسناده مقال، قتادة مدلس ولم يصرح بالتحديث، وفي سماعه من أبي إسحاق ــ إن كان هو السبيعي ــ نظر، كما في «تحفة التحصيل» (٤٢١).
وله شواهد من حديث أبي هريرة وابن عمر وأنس وجابر يشد بعضها بعضًا، انظر: «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٤٣١ - ٤٣٥)، «البدر المنير» (٣/ ٣٨٠ - ٣٨٧).