للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي فتنة، لما فيها من الشرف والرئاسة، حتى ربَّما كان طلبُها مثل طلب الولايات والإمارات، الذي هو من إرادة العلوِّ في الأرض؛ وهذا مضِرٌّ بالدين. وقد روى كعب بن مالك عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما ذئبان جائعان أُرسِلا في غنمٍ بأفسد لها مِن حرصِ المرء على المال والشرف لدينه». قال الترمذي: حديث حسن صحيح (١).

ولأنه يُخاف على صاحبها انتفاخُه بذلك واختيالُه، وأن يُفتَن باشتهاره. ولذلك صلَّى حذيفة بن اليمان مرَّةً إمامًا، ثم قال: لَتُصَلُّنَّ وُحدانًا، أو لَتلتمسُنَّ لكم إمامًا غيري، فإني لمَّا أممتُكم خُيِّل إليَّ أنه ليس فيكم مثلي (٢).

وقيل لمحمد بن سيرين في بعض المَّرات: ألا تؤمُّ أصحابَك؟ فقال: كرهتُ أن يتفرَّقوا، فيقولوا: أمَّنا محمدُ بن سيرين (٣).


(١) أخرجه أحمد (١٥٧٨٤)، والترمذي (٢٣٧٦) وصححه، وابن حبان (٣٢٢٨).
(٢) أخرج عبد الرزاق (١٨٧٩)، وابن أبي شيبة (٤١٤٢) شطره الأول، دون قوله: «فإني لما أممتكم ... ».
(٣) أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زياداته على كتاب «الزهد» لأبيه (ص ٢٤٩).