للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو ظاهر، فإنَّ الأمة إذا كانت تخرج مكشوفَة الرأس، فأن (١) تصحَّ صلاتُها هكذا كان أولى وأحرى؛ فإنَّ ما تستره المرأة عن الناس أشدُّ مما تستره في الصلاة، ولأنه إذا لم يكن الاختمار واجبًا عليها ولا كانت عادة إمائهن ذلك، فمعلومٌ أنهم لم يكونوا وقت الصلاة يضعون لهن خمُرًا ولا يغيِّرون لهن هيئة. وهذا مما لا نعلم فيه خلافًا (٢).

إذا ثبت ذلك فلا يختلف المذهب أيضًا أنِّ ما بين السرَّة إلى الركبة منها عورة. وقد حكى جماعة من أصحابنا (٣) روايةً أنَّ عورتها السوءتان فقط، كالرواية في عورة الرجل. وهو غلط قبيح فاحش على المذهب خصوصًا، وعلى الشريعة عمومًا؛ فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم. وكلام أحمد أبعد شيء عن هذا القول. وإنما كان يفعل مثلَ هذا أهلُ الجاهلية حين كانت المرأة الحرَّة والأمة تطوف بالبيت، وقد سترت قُبلها ودُبرها تقول:

اليوم يبدو بعضُه أو كلُّه ... وما بدا منه فلا أُحِلُّه (٤)

حتى نهى الله تعالى عن ذلك، وأمر بأخذ الزينة عند المساجد، وسمَّى فعلهم فاحشة (٥).


(١) في الأصل والمطبوع: «بأن»، تصحيف.
(٢) في الأصل: «خلاف». فإن صحَّ كان «نعلم» تصحيف «يُعلَم».
(٣) في «الإنصاف» (٣/ ٢٠٤) أن جمهور الأصحاب ذكروها، ثم نقل كلام المصنف من هنا.
(٤) انظر أثر ابن عباس في «صحيح مسلم» (٣٠٢٨) ومجاهد في «تفسير الطبري (١٢/ ٣٧٧ - شاكر).
(٥) في قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨].